قصور الساف : مياه مهدورة .. مخاطر محدقة بالأهالي .. والمسؤول عاجز
ما شهدته جهة المهدية خلال الـ72 ساعة الفارطة من تساقطات بعثت السرور في نفوس الأهالي خاصة منهم الفلاحة بما تمثله هذه الأمطار من إنقاذ للموسم الفلاحي وخلاص من جفاف متواصل أصبح كابوسا جاثما على رقاب الناس تزامنا مع قطع متواصل على مدار السنة للماء الصالح للشرب على المواطنين.
إنّ ما أنعم الله به عباده من صيب نافع فاق الـ200 مم في أكثر من منطقة على غرار قصور الساف وسيدي علوان لم يكن ليكدّر صفو الأهالي خاصة في مدينة قصور الساف لولا أن يرى المواطن بعينه مآل مياه الأمطار التي تتجمّع عبر 3 أودية بالتمام والكمال يشق بعضها 100 كلم انطلاقا من ربوع ولاية القيروان وصولا إلى هذه المدينة أين يتفرّع بين مناطق " القرعة " والسباخ" ويصب بكميات كبيرة جدا في سهول و منخفضات و مزارع تبقى عدّة اشهر حتى تجف دون أن يستغل جزء منها على الاقل في الأنشطة الفلاحية الصغيرة من خلال ملاين مكعبة من المياه المهدورة في قصور الساف وحدها يمكن أن تنقذ المنطقة والمناطق المجاورة لها من العطش و تشجّع على العودة لممارسة الفلاحة واستغلال الأراضي المتوفرة بشكل يوفّر منتوج محلّي من الخضر والغلال الموسمية التي تشتهر بها المنطقة ويشجّع على الاستثمار وتوفير اليد العاملة في مدينة تغيب عنها المشاريع الاقتصادية والمؤسسات الكبيرة التي من شأنها تقليص نسبة البطالة والحد من الهجرة غير الشرعية.
إنّ تثمين المياه لا يكون عبر الجلسات الجوفاء و القرارات المسقطة غير المدروسة ولا عبر توفير " فسقية " في كل بيت كقرار أحادي ينضاف لسلسة القيود التي تكبّل يد المواطن في حربه مع التعقيدات الإدارية والبروقراطية والحال أنه أصبح عاجزا عن مجابهة تكاليف بناء غرفة وليس بيتا كحلم لم يعد في متناول أي كان.
إنّ المهدية اليوم في حاجة لقرار جريء و شجاع يأخذ بعين الاعتبار ما تزخر به المنطقة من مخزون مياه مهدور وتثمينه فقط يكون عبر التفكير في جمعه في سدّ أو حوض كبير لاستغلاله بالشكل الأمثل ناهيك عبر التغييرات المناخية التي ينذر بها العالم والتي تهدّد عدة بلدان منها تونس .