المهدية : بسبب فقدان مادة السميد .. هل تندثر عولة الكسكسي ؟
بتغيّر نمط الحياة ودخول عادات جديدة علينا فقدت الأسرة التونسية ميزات فريدة تنفرد بها دون غيرها من دول شمال افريقيا ومنها " العولة الموسمية " التي تعتبر طوق نجاة عند الشدائد والأزمات وهيّ طريقة حفظ طبيعية وصحية لمختلف الأطعمة و المواد الغذائية طيلة سنة كاملة.
اليوم زاعت معظم العائلات التونسية عن دورها في تأمين حاجيات كانت بالأمس واجبا على كل امرأة حرّة بسبب تسلّط المنتوجات الاستهلاكية المعلبة وغيرها من المواد سهلة الاستعمال والجاهزة ما تسبّب في ضرب عادات وموروث تقليدي لم نعد نسمع عنه كثيرا رغم محافظة الأسرة التونسية على " عولة الكسكسي " مثلا وهي عادة قديمة جدّا هي بمثابة قاسم مشترك بين مناطق الجهورية التونسية بشمالها ووسطها وجنوبها وتنطلق أساسا في مثل هذا الوقت من كل سنة أي بداية فصل الصيف، لكن يبدو أن هذه العادة في طريقها أيضا إلى الإضمحلال ليس تقصيرا من التونسيين بل لفقدان مادة السميد من الأسواق وتخلّي الدولة عن دورها في تأمينها وتوزيعها وترك الأمور بيد التجار والمضاربين يصولون ويجولون ويتحكمون في أسعار تصل في غالب الأحيان إلى أضعاف ثمنها، لتجد العائلة التونسية نفسها في مأزق حقيقي بين شراء السميد بأسعار مرتفعة جدّا - إن وجد - أو التخلّي عن عادة ضاربة في القدم و الجنوح إلى اقتناء الكسكسي الجاهز الذي لا يصل إلى جودة ولذة كسكسي " العولة " والذي بدوره مفقود من الأسواق ؟
حيرة العائلات التونسية مستمرة هذه الأيام بسبب فقدان مادة السميد وعدم ظهور بوادر انفراج في الأفق تبدّد هذه الحيرة وتعالج أمور حسب التونسيون أنّها ظرفية لكن الواقع مازال يثبت عكس ذلك.
4:13:00 م