المهدية - الحمراء : شاطئ الحضارات قد يغمر برج الراس بأكملها للأبد
في تفاصيل الصخر الناتئة على شاطئ "الحمراء" ببلدة برج الرأس من مدينة المهدية حكايات حضارات بأكملها... هنا الموج يغير شكل المكان ويطمس الكثير من آثار الغابرين وربما حتى العابرين.
هنا "يأكل الماء التراث أكلا لما" وتأخذ برج الرأس في كل يوم يمضي شكلا جديدا وقد يأتي زمن تبقى مجرد ذكر وحديث للدارسين.
للتغيرات المناخية وقع كبير لبلدة برج الرأس التي وصفها كبار المؤرخين بأنها "لسان مدلع (ممتد) في البحر" وأسمتها كتب الجغرافيا "رأس إفريقيا".
تقول الدكتورة في علوم البحار ورئيسة بلدية المهدية، أسماء حمزة، في تصريح لوكالة تونس افريقيا للانباء، إنّ توقعات التغيرات المناخية ونسبة ارتفاع منسوب مياه سطح البحر مبنية على عنصرين أساسيين، يتمثل الاول في المتابعة لعدّة سنوات تصل على الاقل الى 20 سنة، أما الثاني فيشمل المنظومات المعلوماتية التي تنجز على الصعيد الجهوي (منطقة البحر الابيض المتوسط).
وتمكّن التغيرات المناخية حسب المتحدثة من ضبط تصورات على أرض الواقع للشريط الساحلي في البلاد التونسية.وأضافت أنّ المنظومة المعلوماتية في تونس ليست على نفس الوتيرة في الجهات، إذ يتغير النظام المعلوماتي من جهة إلى أخرى.
وذكرت أن ولاية المهدية لديها نقص في المخزون المعلوماتي حول المناخ ونسبة الملوحة و التغيرات الميثيرولوجية ونسبة التلوث.
المهدية / " الحمراء " شاطئ الحضارات قد يغمر " برج الراس " بأكملها للأبد
وفي ما يتعلق بمخاطر ارتفاع منسوب سطح البحر أوضحت بأنه يوجد مخاطر وتأثيرات سلبية على المنظومات البحرية و التاريخية التي ستندثر مع مرور الوقت، موضحة أن المخاطر تهدّد المنظومة الايكولوجية من كائنات حية (نباتات وحيوانات)، فضلا عن القاع البحري وعلى العنصر البشري و المنشآت، فارتفاع معدّلات حرارة البحر يولّد اضطرابا على الكائنات الحية في البحر.
وفسّرت المتحدثة الظاهرة بأن الكائنات الحية في البحر هاجسها الوحيد هو التكاثر والتناسل، غير أن الحموضة و الحرارة و الملوحة كلها عوامل أثرت على تناسل هاته الكائنات و على تنقلاتهم مما يتسبّب في الانقراض أو التكاثر غير الطبيعي ويعتبر هذا العامل عاملا غير مباشر لا يظهر تأثيره على ارتفاع منسوب سطح البحر الا بعد سنوات عديدة قد تصل الى 100 سنة.
وأبرزت أن العامل المباشر للتغيرات المناخية (منها ارتفاع منسوب سطح البحر) يبقى بسبب تدخّل الانسان في المحيط من خلال التلوث البيئي و الصيد العشوائي، الى جانب منظومة تربية الاحياء المائية وادخال أعلاف على المنظومة البحرية وهو ما تتجلى نتائجه من سنة الى أخرى بسبب ما تخلّفه من أمراض على الكائنات الحية.
وأكّدت بخصوص الاحتياطات الواجب اتخاذها من خلال موقعها كرئيسة بلدية أنها تسعى الى تركيز مرصد جهوي لجمع المعلومات يقوم بتحيين المعلومات وبدراسات تقييمية وهو المشهد الاستشرافي الذي تطلع اليه البلدية بحسب تعبيرها، مبينة أن المرصد يجمع كل الادارات الجهوية ومراكز البحث العلمي الى جانب المواطن وتترأسه البلدية.
وذكر الدكتور في الجغرافيا، سالم السبيعي، أن الامطار القوية في بعض المناطق من أحد أسباب ارتفاع منسوب مياه سطح البحر، معتبرا أن تآكل الشريط الساحلي مرتبط بالانشطة الاقتصادية وانتشارها على طوله، فضلا عن المنشآت و البناءات السكانية.وتبقى التغيرات المناخية حسب اعتقاده، مجرد تخمينات وتوقعات، مضيفا ان تونس حاليا في مرحلة ارتفاع درجة الحرارة.
وأرجع غزارة أمطار الخريف الغزيرة إلى درجات الحرارة في فصل الصيف مما يساهم في هذه التقلبات وبالتالى ارتفاع منسوب مياه البحر واعتبر أن أكثر الفيضانات قادمة من الشرق مستدلا بما حدث بولاية نابل موفى الاسبوع المنقضى التي سجلت رقما قياسيا في كميات الامطار المتهاطلة في يوم واحد.
وبيّن أنّ تركيز أعمدة على طول الشريط الساحلى يساهم في التقليل من ارتفاع منسوب مياه البحر كما أنه يجب فرض قانون يعاقب المخترقين للمجال البحري العمومي.
من جهته، اعتبر المجهز والمعلم المتقاعد المختص في الصيد البحري الهادي الميلي، في تصريح لـ(وات)، أن التلوث الذي يتسبب فيه المتساكنون بالقاء الفضلات في البحر يفرز اضطرابا في الحياة الانتاجية للبحر وله تأثير سلبي على الثروة السمكية ويؤدي إلى التصحر القاعي للبحر.
ويعتبر التلوث وفق الميلي، من مسببات التغيرات المناخية، فضلا عن نفايات مراكب الصيد، كما يساهم الصيد بالجر في تغيير تضاريس قاع الارض البحرية.
ويرى أن ارتفاع درجات الحرارة يتسبّب فيها بدرجة اولى الانسان من خلال دخان المصانع ومراكب الصيد وهو ما يجعل درجة حرارة الارض في ارتفاع دائم وهو ما ينتج عنه ذوبان ثلوج القطب الجنوبي و الشمالى وهو ما يؤدى الى ارتفاع منسوب مياه سطح البحر.
كما يعتقد أنّ ولاية المهدية مهدّدة بأن تغمرها مياه البحر على امتداد سنوات عديدة، حيث يرتفع بتونس منسوب مياه سطح البحر بـ2 صم سنويا.
ووصف منسوب المياه بأنه "اتخذ منحى تصاعديا في السنوات الاخيرة بسبب الاحتباس الحراري".
* مصدر الخبر : وات