تعتبر أكلة « الفتات » من الأكلات المميّزة التي تنفرد بها مدينة قصور الساف دون غيرها في تونس، وهيّ أكلة شعبية متوارثة، حافظ عليها « الطواهرية » نسبة إلى الولي سيدي الطاهر المزوغي، منذ 7 قرون تقريبا، ويعود أصلها إلى فترة المجاعة الفتاكة التي ضربت افريقية منتصف القرن الثاني عشر ميلادي.
أكلة الخرافات والأساطير :
لئن بدأت هذه الأكلة في الاندثار مع مرور الوقت، إلاّ أنّ عديد العائلات لازالت تحافظ على ما توارثوه في إعداد هذه الأكلة، ذات الطعم الحلو والجيّد، لتنتقل إلى الأجيال الحالية من شباب وشابات، البعض منهم يقيم خارج أرض الوطن خاصة في أوروبا، ويعتبر نفسه مطالبا، حسب التقاليد والأعراف، بإعداد « الفتات السافي» أسوة حسنة بالأجداد وبسبب أنّ هذه الحركة في إعداد وتوزيع الأكلة، فجر يوم كل عيد، لهيّ رسالة ذات مغزى إنساني بحت، لزرع أواصل الأخوة و التحابب في مصافحة عقب شهر صيام وإفطار يوم عيد الفطر، علما وأنّ البعض مازال يعتقد اعتقادا خرافيا في عادة إحضار هذه الأكلة، كأن يعاقب من هوّ مطالب بإعدادها في صورة توانيه في ذلك، وعادة ما تكون العقوبة، في مكروه يصيب الزوج أو الأبناء، أو الرزق... وهيّ اعتقادات، تبدو أقرب للخيال والخرافات ، لكنّها لازالت تسجّل حضورها بقوّة في المجتمع السافي و" الطواهرية" بصفة خاصّة.
طريقة الإعداد :
يأخذ نوع من السميد الرفيع ويعجن جيّدا حتّى يتماسك، ليمرّ بفترة راحة بسيطة بعد تغطيته بنوع من القماش الخاص للمحافظة على جودته في انتظار بسطه للحصول على ورقة شبيهة « بعجين البقلاوة » ذات سمك لا يتعدّى المليمترات، يقع قطعها مكعبات صغيرة لا تتجاوز الصنتمتر الواحد ويقع تجفيفه والاحتفاظ به إلى حين موعد ليلة العيد، موعد المرحلة النهائية لإعداد أكلة « الفتات » وتتمثّل في سكب الماء الدافئ حتّى ترتفع درجة الحرارة تدريجيا لوضع المكعبات الصغيرة على طريقة إعداد « الثريد » إلى حين الحصول على « الفتات » الجاهز للأكل ووضعه في أواني خاصة مع زيت الزيتون الصافي وعود القرنفل، وتوزيعه فجرا على مستحقيه من « المحاجبية » نسبة إلى الولي سيدي علي المحجوب، وعموم الأهالي في كامل أرجاء قصور الساف، مع الإشارة إلى أنّ هذه الأكلة هيّ حكر على « الطواهرية » فحسب.
بقلم أيمن بن رحومة