تعرّف على إبن المهدية أسامة الحداد : لاعب الخفة الأصغر في تونس
تعرّف على إبن المهدية " أسامة الحداد " : لاعب الخفة الأصغر في تونس |
"أسامة الحداد": لاعب الخفة الأصغر في تونس لن تجد صعوبة كبيرة في التحصّل على رقم هاتف الساحر "فرانكو" في كلّ أرجاء ولاية المهديّة، ورغم صغر سنّه، 18 سنة، لكنّ الجميع يعرف "أسامة الحداد"، لاعب الخفّة الأصغر في الجهة ورُبّما في تونس. لازال "أسامة" يزاول دراسته بمعهد أبو القاسم الشابي بمدينة الشابة، وهو من الشباب المعروفين جدا في الجهة، وأبناء فصله أو أصدقاؤه المقربون وعائلته يعرفونه باسمه الحقيقي "أسامة"، أما الأغلبيّة فيُطلقون عليه أسماء كثيرة، كـــ"الساحر" و "فرانكو" وغيرها من الأسماء. كان "فرانكو" منذ صغره من المهتمّين جدّا بألعاب الخفّة، وكان يحاول دوما كشف خفايا أيّ لعبة خفّة يُشاهدها ويُحاول معرفة مُرتكزاتها وأسرارها. منذ خمسة سنوات شاهد عرضا لأحد اللاعبين وكان هذا الأخير يخفي منديلين كلّ واحد في يد وفي لحظة يتحول المنديلين الى منديل واحد ومن ثم الى حمامة بيضاء، وقضّى "أسامة" خمسة أيّـــام منعزلا لفهم اللّعبة، وفهمها أخيرا، وكان يُحاول في كلّ مرّة عرض ما تعلّمه أمام أصدقائه ممّــا أثار سخرية أترابه تُجاهه، وهو ما آلمه، وحاول منذ تلك الفترة الدّخول في تدريبات شاقة في منزله دون عرض أيّة لعبة حتّى يتمكّن جيّدا من تقنيات هذا المجال. "منذ خمسة سنوات كنت مثيرا للشّفقة، ولكن سُخرية أصدقائي كانت حافزا لمزيد العمل، والعمل أكثر فأكثر." تحصّل "فرانكو" على كتابين من أحد لاعبي الخفّة وقضّى ساعات طويلة في البحث على الأنترنيت والتدرّب على خفّة الأصابع ومُحاولة أداء بعض الخدع، وكان يحتاج في كلّ مرّة إلى بعض اللوازم فكان يشتغل رغم صغر سنّه في الطّلاء أو كنادل ليربح مبلغا من المال يصرفه على تجهيز معداته وشراء لوازم خدعه. بعد أربعة سنوات طويلة اصطدم فيها بموقف رافض من العائلة التي اعتبرت هذه الهواية تتعارض مع الدّين وهي تندرج ضمن السّحر والشّعوذة واضطرّ لزيارة أحد أيمّة المدينة مع عائلته ليتبيّن خلّوها من مظاهر الدّجل أو ما يتنافى مع الدين: "اعتقدت عائلتي وحتى بعض أصدقائي الآن أنّي أتعامل مع الجن أو أنّي أستعمل الطلاسم في ألعابي ولكنها مجرّد مهارات تدرّبت عليها جدّا وتمكّنت من لعبها بشكل جيّد." بعد سنوات من التّدريب الشاق قرّر "أسامة" اخراج موهبته الى العموم ولعب بعض الخدع أمام أصدقائه في الفضاءات العامة كدار الشباب بالمدينة والمُنتزه، وكان يرفض لعب خدعه في المعهد باتفاق مع عائلته. وهيبة الزواوي هي احدى المنشطات بدار الشباب بالشابة :"في بادئ الأمر لم نولي أهمية لألعاب أسامة، واعتقدنا انها مجرّد خدع صغيرة لا قيمة لها ولكنّي شاهدت أحد عروضه وقد تواصل لثلاثة ساعات كاملة أدّى فيها عددا من الألعاب الصعبة والجميلة ومنذ ذلك الوقت غيّرت رأيي وأعتبره من أفضل لاعبي الخفّة." بعد تربّص مغلق في المنزل قرّر "أسامة" النزول ليعرض أمام الناس، وكانت بدايته مع النّجاح، وكوّن مجموعة "فرانكو" للتنشيط، يديرها بنفسه مع بعض المهرّجين من أصدقائه، وكان يشتغل كالعادة ويجمع المال مع ما يدرّه عليه عمله الجديد كلاعب خفّة ليشتري ملابس المهرّجين وكلّ ما يحتاجه من أدوات يحتاجها في عروضه. "عندما عرضت في المرات الأولى تعرضت للاستهزاء والسّخرية، ولكن تفاعل معي الجمهور فيما بعد بكلّ جديّة، وصار الكل مُهتمّــا بما أقدّمه." يتقن "أسامة" الآن أغلب ألعاب الورق والاخفاء، وهو قادر على تحرير قارورة أو جسم دون لمسه، وعلى اشعال النار وغيرها من الخدع الكثيرة، وهو يستعدّ الآن للتدرب على الخدع الكبيرة كلعبة صندوق القص . يقدّم "الساحر الصغير" عروضه في أغلب دور شباب الجهة وفي المهرجانات وهو يجهّز ألعابا جديدة ليعرضها أمام اللجنة الوطنية لإسناد بطاقات الاحتراف في وزارة الثقافة، فقد بلغ أخيرا سن الثامنة عشر وبإمكانه المشاركة والحصول على البطاقة التي ستفتح له آفاقا كثيرة. ابتسم "أسامة" قائلا: "لو لا سُخريتهم منّي لما وصلت لما أتقنه الآن من مهارات، أنا أتدرّب بمعدّل ساعتين يوميّــا، وأشكر كلّ من ساعدني من المقرّبين لي وهم بمثابة صندوقي الأسود، وسأواصل العمل حتى بلوغ الشهرة." بعد الباكالوريا سيدرس "فرانكو" التنشيط الشبابي ولن يبتعد كثيرا عن هوايته وسيحاول التعريف بموهبته عبر وسائل الاعلام ليحقق الشهرة التي يتمناها، كما هو عازم على مزيد تطور مهاراته ولاعبو الخفة العالميون لا يتفوّقون عليه الاّ بالعمل والخبرة.
بقلم نزار بن حسن
12:48:00 م