أصل عائلة صفر
عائلة صفر تنحدر هذه العائلة من أصل تركي ويبدو تواجدها بالمهدية منذ القرن السابع عشر وانقسمت العائلة في منتصف القرن التاسع عشر إلى فرعين
الفرع الأول : استقر بتونس العاصمة منذ فترة أحمد باشا باي الذي بنى مدرسة باردو العسكرية في اطار تحديث الجيش التونسي فالتحق الشاب مصطفي صفر بالمدرسة سنة 1842 وتحصل على رتبة جنرال مكنته من اعتلاء وظائف عسكرية وسياسية هامة في فترة محمد باي ثم محمد الصادق باي.
أنجب مصطفي صفر البشير صفر الذي درس في الصادقية (الجيل الاول لها) وتميز بذكائه منذ صغره وثقافته الواسعة وافكاره التحديثية فأسس جمعية الخلدونية وكان من مؤسسي جريدة الحاضرة واستقر هذا الفرع في مدينة تونس نهج سيدي بوخرصين وفي سيدي بوسعيد وتصاهرت مع عديد العائلات الشريفة التونسية منها عائلة بن عاشور وعائلة بن عمار .. وغيرهم.
الفرع الثاني : بقي بالمهدية ويمثلون رصيدا بشريا هاما منتشرا في جميع احياء المهدية وهو غير متجانس ثقافيا وعلميا واقتصاديا فاتجه البعض منهم نحو التعلم فمنهم دكاترة ومهندسون واساتذة و معلمون ومنهم من اهتم بالزراعة والصيد البحري وغيرها من المهن.
أنجب هذا الفرع الثاني الطاهر صفر وهو ابن مصطفي صفر الذي كان عدل اشهاد، ولد الطاهر صفر سنة 1903بالمهدية تعلم القران الكريم على يد المؤدب حسن فضة وفي 1909 التحق بالمدرسة العربية الفرنسية وتحصل على شهادة ختم الدروس الابتدائية ثم التحق بالصادقية ومعهد كارنو وبعد ختم دروسه بهما واصل تعليمه العالي في الحقوق في باريس وتحصل سنة 1926على اول جائزة في مناظرة علمية في الاقتصاد السياسي .. كان له نشاط سياسي في باريس فاسس بمعية طلبة تونسيين ومغاربة وجزائريين جمعية طلبة شمال افريقيا المسلمين سنة 1927 ولما عاد الى تونس 1928 مارس المحاماة وانخرط في حزب الثعالبي وعين في اللجنة التنفيذية وكتب العديد من المقالات في جريدة صوت التونسي ولسان الشعب ثم في العمل التونسي للتشهير بالسياسة الاستعمارية الفرنسية وشارك في مؤتمر قصر هلال وعين كاتبا عاما للحزب الجديد .. شارك في العديد من النضالات وسجن عديد المرات مما اثر على صحته توفي في اوت 1942 ودفن بالمهدية .. ابنه رشيد صفر مولود بالمهدية سنة1933 تقلد العديد من اللمناصب آخرها الوزارة الاولى في عهد الزعيم بورقيبة. المصدر : منقول من صفحة نور صفر
وإليكم التقرير الذي كتبه " رشيد صفر " حول أصول عائلته :
كان جدي من الأم "محمد صفر" يقول لي وأنا لم أتجاوز العاشرة من عمري، إن العائلات التي تحمل لقب "صفر" والمتواجدة بالمهدية أو بالعاصمة تونس ينحدر جميعها من أصل تركي.
وكان يضيف لي: ـ وهو يتفحص في ورقة مصفرة اللون، ملتوية وطويلة جدا، تشبه أوراق العقود القديمة للملكيةـ" إن جميع عائلات "صفر" متفرعة عن أب واحد وهو قائد عسكري تركي، يحمل لقب "صفر" و قد أتى إلىالبلاد التونسية مع الأفواج الأولى من الجنود الحاملة الأولية العثمانية والتي حاربت الأسبان عندما غزوا بلادنا وعاثوا فيها فسادا و وجلبوا إليها الدمار ونالت مدينة المهدية نصيبها من هذه الوحشية إذ هدموها كما هدم الرومان مدينة قرطاج."
وكان جدي محمد يؤكد لي أن اللواء مصطفى صفر(1822ـ1885م) - أب الوطني والمصلح المعروف محمد البشير صفر (1863ـ1917م)- قد ولد بالمهدية وهو ابن عم والده الحاج على صفر التركي. وكانت الوثيقة الطويلة التي شاهدتها بأيدي جدي محمد بمثابة "شجرة" تسلسل عائلات "صفر" على مدى قرنين تقريبا، ولكن مع الأسف أتلفت هذه الوثيقة مع كثير من الوثائق الأخرى بعد وفاة جدي محمد الذي كان أحيانا يعربد على أحفاده بكلمات باللغة التركية التي كننا لا نفهم منها شيئا وذلك عندما كنت صبيا ألتقي مع بقية أطفال العائلة في منزله "ببرج الرأس" بالمهدية وكنا نضجره بضجيج لعبنا وصياحنا في "صحن الدار".وقد علمني جدي محمد بعض الكلمات التركية وبقيت أتذكر كلمة" فرماتعليك"وهي تعني" بارك الله فيك". وتوجد إشارة قصيرة إلى إقامة قائد عسكري تركي اسمه "صفر" بتونس العاصمة في النصف الثاني للقرن السادس عشر ميلادي،وذلك في كتاب أحمد بن أبي الضياف " إتحاف أهل الزمان بأخبار ملوك تونس وعهد الأمان" في طبعته من طرف وزارة الثقافة سنة 1999 إذ يخبرنا أبي الضياف في الجزء الثاني من المجلد الأول بالصفحة عدد 28 عن الملبسات التي تعرض إليها "الداي صفر" وذلك بعد أن تعرض المؤرخ إلى التدابير التي اتخذها القائد و وزير الدولة العثمانية " سينان باشا" بمدينة تونس، بمجرد تحريرها من الاحتلال الأسباني وقبل مغادرتها راجعا إلى" استنبول". فيقول مؤرخنا، بعد الحديث عن ما سمي " بواقعة البلكباشية" التي فتك فيها الجند بكبار أعضاء مجلس " الديوان" بالعاصمة التونسية: " وبعد ذلك حضر الباشا والباي وأعيان العسكر، عقدوا ديوانا أجمع رأيهم فيه على تقديم رجل من أمراء العسكر الملقبين بالداي للنظر في أحوال العسكر وحفظ الحاضرة، فقدموا الداي إبراهيم رودسلي فبقي ثلاث سنين ولم يستقل بالكلمة،فطلب الخروج لفريضة الحج.ولما قضى فريضة الحج رجع لبلده "رودس"واستقر بها.ولما خرج للحج قدموا الداي "موسى".ورام الاستبداد بالأمر فلم يتم له، فمكث نحو سنة، ثم طلب الخروج للحج. ولما أذن الديوان بالخروج بعثوا له أن لا يرجع للبلد". ويواصل أبي الضياف فيقول :" وتنازع الأمر "عثمان" داي و "صفر" داي ، فذهب كل منهما إلى منزله وتقلد سلاحه، وأسرع عثمان داي – 1554م- حتى جلس عند باب القصبة واجتمع عليه أصحابه، فأقبل" صفر" داي فبعث له عثمان من رده وأمره بالخروج من الحاضرة، فسار إلى ناحية الجزائر، ثم رجع إلى تونس صفر داي أيام "يوسف" داي، وله عقب لهذا ألعصر. " ويقول كذلك حسن حسني عبد الوهاب في كتابه "خلاصة تاريخ تونس" عندما يتكلم عن الداي يوسف:" هو من أفضل الجند القادمين صحبة سنان باشا،كان ذا حرم وعقل ودين، استقل بوظيفة الداي سنة1007ه/1598م وشمر عن ساعد الجد لتمهيد الراحة،فسن قوانين المساواة بين الرعايا تعرف" بالميزان" . فهل يكون " صفر داي" الذي انسحب أمام "عثمان داي" دون إراقة الدماء، حسب رواية أبي الضياف، هو أب كافة عائلات صفر التي أصبحت بمرور الزمن تونسية لحما ودما بفروعها المتعددة ؟
وهل يكون اللواء مصطفى صفر الذي ولد بالمهدية حوالي سنة 1822م ثم التحق بالجندية سنة 1842م في العاصمة وارتقى في الرتب حتى أصبح لواءا،ثم وكيل لوزارة الحرب في عهد الصادق باي،قبل انتصاب الحماية الفرنسية،قلت هل يكون هذا الرجل من سلالة "الداي صفر" ذلك القائد العسكري الذي استقر بتونس في بداية القرن السابع عشر ميلادي في عهد "يوسف داي" بعد أن غادر العاصمة اجتنابا للفتنة وإراقة الدماء في عهد "عثمان داي"؟ و "يوسف داي" كان قائدا صاحب "عقل ودين" حسب رواية مؤرخنا الأستاذ حسن حسني عبد الوهاب مما شجع "صفر داي" على الرجوع إلى تونس والاستقرار بها . قد يكون ذالك، خاصة إذا كانت المعطيات التي مدني بها جدي محمد صفر صحيحة. وقد قال لي السيد الجيلاني صفر، أحد أقاربنا، بعد رجوعه من تركيا وقد أقام فيها سنوات عديدة وهو سفير لتونس أثناء العشرية الأولى بعد استقلال بلادنا :" لقد بحثت، في مختلف المقاطعات التركية، عن آثار لعائلتنا عند إقامتي بأنقرة، ولكن بدون جدوى...." فقد يكون "الداي صفر" قد غير اسمه الأصلي منذ أول فترة تواجده بتونس وذلك في أواخر القرن السادس عشر مسيحي، فأختار لقبا مشتقا من اسماء الأشهر العربية ، لأنه أراد منذ ذلك الحين الاستقرار في تونس واختار الانتماء الكامل لوطنه الجديد.تبقى كل هذه الاحتمالات مجرد فرضيات في غياب الوثيقة التي كانت بين أيدي جدي محمد صفر و التي أتلفت من طرف بعض أفراد العائلة الذين كانوا يعيشون في بيت جدي عند وفاته. وبالرجوع إلى وثيقة مخطوطة بها مجموعة من الصور العائلية القديمة كان قد رتبها عمي أحمد صفر الذي باشر العمل بالتعليم
كمربي ثم كمتفقد لتعليم اللغة العربية منذ بداية أربعينيات القرن الماضي مع زميله أحمد السبعي ، يكون جدي محمد صفر قد ولد بالمهدية في شهر سبتمبر من سنة 1860م أي
قبل حوالي واحد وعشرون سنة من انتصاب الحماية الفرنسية في بلادنا، وكان ميلاد جدي محمد في فترة حكم البلاد من طرف الصادق باي – الذي حكم بين سبتمبر 1859 وأكتوبر
1882 - وسنة 1860م معروفة تاريخيا بأنها من جهة سنة بداية صدور جريدة الرائد التونسي التي ستبلغ الرأي العام التونسي أفكار أول نخبة تونسية حداثية ومن جهة أخرى السنة التي تفاقمت فيها ديون البلاد التونسية اذ بلغت تسع عشرة مليونا ريالا ( أحد عشر مليونا فرنكا تقريبا ) أي ما يساوي دخل سنة عادية من الميزانية التونسية. معنى ذلك ان جدي قضى شبابه وتونس كانت في فقر كبير "حسا ومعنا" من جراء سوؤ تصرف الباي و وزيره الأول مصطفى خزندار وقابض المال العام محمود بن عياد (1810-1880) الذي هرب سنة 1852 الى فرنسا حاملا معه 60 مليون فرنكا في الوقت التي كانت تبلغ فيها الميزانية التونسية عشرة ملايين فرنكا تقريبا.و والد جدي محمد صفر هو: محمد ابن الحاج علي ابن الحاج فرج ابن علي ابن الحاج محمد ابن على ابن صفر التركي. وتوفي والد جدي محمد، الحاج علي صفر التركي يوم 9أوت 1862 بمدينة بنزرت، وابنه لم يتجاوز سنه السنتين، ودفن بمقبرة الوالي سيدي بوحديد في نفس المدينة ولا أعلم ماذا كان يفعل والد جدي في بنزرت في تلك الفترة. و عين الحاج محمد ابن حسن ابن الحاج محمد صفر زوج خالة جدي محمد( واسمها صالحة) بكفالته وكفالة أخويه محمود وسالم. ولد جدي محمد هكذا سنة قبل صدور أول دستور تونسي , دستور 29 جانفي 1961 المتضمن 114 بند والذي أصبح منفذا بداية من 23 أفريل من نفس السنة وكان أول دستور في العالم العربي الاسلامي .
وكان من حض جدي محمد صفر أن يكون من تلاميذ الفوج الأول الذي زاول تعليمه بالمعهد الصادقي الذي أسسه الوزير الأول المصلح الحداثي خير الدين باشا صاحب كتاب" أقوم المسالك في معرفة أحوال الممالك" الذي طبع سنة 1867 مع مقدمة عنوانها الاصلاحات الضرورية للدول الاسلامية. وبعث المعهد الصادقي بمقتضى الأمر "العلي" المؤرخ في13 جانفي سنة 1875م وكانت تسميته الأولى"بالمكتب الجديد" قبل أن يعرف "بالمدرسة الصادقية" وكان المدير الأول لهذا المعهد السيد محمد العربي زروق، وهو الذي أمضى على شهادة استحسان منحها لجدي و قد شاهدتها بنفسي معلقة في إطار على حائط مكتبه بالمهدية وقد كتب عليها " منحت هذه الشهادة من اجل سيرته الحسنة واجتهاده " ويعلم الجميع أن محمد العربي زروق كانت له رباطة الجأش والشجاعة القوية التي جعلته يصدع على الملأ بمعارضته لانتصاب الحماية الفرنسية على تونس مما أجبره على الهجرة سنة 1882م وكأنه بهذا الموقف النبيل، أعطى إشارة وطنية واضحة ورسم " الطريق" إلى كل الأجيال من التلاميذ الذين سيتعاقبون طيلة الاستعمار الفرنسي في المعهد الصادقي ثم في المعاهد الأخرى بسوسة و صفاقس التي أحدثت بها ما سمي "بالأقسام التونسية" نسجا على برامج الصادقية ابتدءا من نهاية الأربعينيات في القرن العشرين.وقد وقع فعلا تجسيم هذه الرسالة بقوة من طرف التلاميذ والطلبة بالخصوص في المرحلة الحاسمة ( 1952-1955)التي توجت باستقلال تونس. و اصل جدي محمد صفر تعليمه بالمعهد الصادقي
من سنة 1875م إلى سنة 1877 و كان ذلك في نفس الفترة التي تواجد فيها قريبه التلميذ النابغ محمد البشير ابن مصطفى صفر.
3:40:00 م